أخر الاخبار
نشرت في: الثلاثاء، 22 أبريل 2014 8:00 م
نشرت بواسطت ©بلقيس نيوز

هل نستحق شرف الانتماء لوطن بحجم اليمن؟! (2)


الدكتور : عبد الرحمن احمد ناجي فرحان



هل نستحق شرف الانتماء لوطن بحجم اليمن؟! (2)


الثلاثاء ، 22- أبريل - 2014

بقلم / 

د/عبدالرحمن أحمد ناجي فرحان

أكاد أجزم وأدعي بأن كل أم مصرية تُرْضِع وليدها منذ لحظة ولادته ضمن مكونات حليبها حب الوطن ومعاني الانتماء إليه بغض النظر عن شخص الحاكم ومدى الاختلاف أو الاتفاق معه ، ويظل الطفل هناك يتغنى منذ نعومة أظافره ببلاده وبأمجادها وماضيها السحيق ، ويغرس والديه في عقله ووجدانه كيف أن أجداده العباقرة كان لهم السبق والريادة في اعمار الكون وتنميته ، وكيف أنهم كانوا الأوائل في كل فعل حضاري مازالت البشرية تنعم به حتى الآن ، وكيف أنهم كانوا السباقين في كل المجالات العلمية ، ليكون ردهم الدائم (المصريون القدماء) على كل من يسألهم : من أول من فعل كذا؟! .

هناك يتجذر لدى كل طفل منذ لحظة الميلاد أن الوطن قيمة عليا سامية ، وحقيقة خالدة مادام للأرض وجود ومادامت السماوات تعلو الرؤوس والهامات ، هناك يتأصل لدى كل مواطن أن عليه أن يفخر ويفاخر بانتمائه لوطنه دون سائر الأوطان ، وهناك تكون أعظم الجرائم على الاطلاق هي المساس بـسيادة (الوطن) ، فالوطن رديف للشرف والعرض ، فلا عزة ولاكرامة لأي منهم إلا في ظل وجود وطن يحميه جميع أبنائه ويجعلونه في حدقات أعينهم ، ويعضون عليه بالنواجذ والأسنان ، مهما تبدلت الأنظمة ومهما تعاقب الحكام .

وعودةً إلى وطننا الأغلى والأروع والأجمل (اليمن) ، وفي كلمات تهتز لها القلوب وحق لها أن تُسَطَّر بماء الذهب نجد الشهيد عبدالعزيز عبدالغني يرد على أحد الشباب المتذمرين الناقمين على (اليمن) مستنكراً أن يكون للـ (اليمن) أي فضل عليه بالمُطلق : قبل أن تسألني ماذا قدمت لك اليمن ؟! ، عليك أن تصحح السؤال ليصبح : وماذا قدمنا نحن لـ(اليمن)؟! ، وللمرحوم (عبدالله عبدالوهاب نعمان) كلمات تقشعر لها الأبدان تسير في ذات السياق وتحمل نفس المعنى :ـ
فهبوها الجهد كي تُعْطِيَكمُ *** خيرها أخضر جَمَّا
وأطيلوا فوقها أذرعكم *** تعطِكُم ما شئتمو كيفاً وكمّا
لا تعقوها وتبغون عطاها *** لا تشحوا ثم ترجون نَداها
ودعوا فيها ثراها يرتوي *** عرقاً منكم إذا شحَّت سماها
ولوجه الله دوموا سُجَّداً *** أنه لم يعطكم أرضاً سواها
ولو أننا قمنا بالبحث والتجميع لما ورد على لسان الحبيب المصطفى عن فضل اليمن وأهل اليمن من الأحاديث النبوية الصحيحة ، لأدركنا وبكل فخر واعتزاز أنه لو لم يكن قد وهبنا الله من نعمة سوى أنه خلقنا مسلمين يمنيين لكانت هاتان النعمتان دون سواهما جديرتان بان نظل لله رُكَّعاً سُجَّداً منذ مولدنا وإلى أن يتوفانا الله عز وجل ، ولنا في الحبيب المصطفى محمد  المثل والقدوة الحسنة حينما التفت إلى مسقط رأسه (مكة المكرمة) يناجيها وهو يمتثل لأمر الله فيغادرها مهاجراً للمدينة المنورة قائلاً : و الله انك لأحب بلاد الله إليَّ ، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت. 

ومن الأحداث التي ستظل محفورة في ذاكرتي طالما قلبي ينبض بالحياة ، كان مع اكتمال العام الأول من عمر الوحدة ، وكنت يومها أعمل محاسباً لصحيفة (Yemen Times) وطالباً في المستوى الرابع بكلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء ، لن أنسى مطلقاً معلمي الكبير المرحوم الأستاذ الدكتور/عبدالعزيز السقاف وهو يجهش بالبكاء بصورةٍ مفاجئة وغير مألوفة من قبل صباح يوم الـ 22 من مايو 1991م وهو جالس أمام شاشة جهاز الكمبيوتر الوحيد الذي كانت تكتب به الصحيفة آنذاك ، ولما سألته يومها : خير أستاذي ، ما الذي يبكيك ؟! ، كان رده رحمة الله عليه مذهلاً :ـ

لقد صنعنا نحن اليمانيون في مثل هذا اليوم من العام الماضي حدثاً عظيماً بكل المقاييس في زمن تتشظى فيه الكيانات السياسية العملاقة (يقصد الاتحاد السوفيتي) ، غير أننا ليس فقط كيمنيين بل كعرب ومسلمين لم نعِ بعد أو ندرك معنى هذا الحدث العملاق الذي تبلغ عظمته حد الإعجاز ، ولم نقدر قيمته كما لم نستوعب أهميته ، وها نحن بعد مضي عام على تحقق هذا الحدث ، مازلنا نتعامل معه كحدث عادي عابر ونمرعليه مرورالكرام ، كما لو كان من المألوف والمعتاد أن يشهد  العالم كل يوم توحد واندماج دولتين أوأكثر في مختلف بقاع العالم .ـ

واليوم وقد أثخنتنا جراح رياح وعواصف وأنواء الربيع العبري ، هل آن لنا أن ندرك ونفهم ونعي أن وطننا يتألم ويستنهض هممنا وكل قوانا لنجعله غايتنا الأسمى والأغلى والأعلى ؟! ، هل لنا أن نخلع عباءاتنا الحزبية الضيقة لنسمو ونعلو بتفكيرنا بقدر سمو وعلو مكانة (اليمن)؟! ، هل لنا أن نستشعر ونتيقن بأن ما يجمعنا أكثر بكثير جداً مما يُفرقنا لو أننا فقط نُحسنُ الظن ببعضنا ، ونمد أيدينا لبعضنا دونما استثناء ، ونزيل كل ما علق بقلوبنا وأرواحنا من أدران وتشوهات وضغائن وأحقاد؟! ، هل لنا أن نستشعر حجم الخطر الداهم المحدق بوطننا الحبيب من كل صوب ؟! ، هل لنا أن نعلن التوبة مما اقترفته أيدينا من جرائم بحق وطننا؟! ، هل لنا أن نفيق ونصحو من غفوتنا وسباتنا بل من الكابوس الذي جثم على صدورنا قبل فوات الأوان وحينما لا يعود هناك جدوى لندم أو توبة ؟! ، هل لنا أن نعي وندرك أنه لا كرامة لنا ولا عزة ولا وجود إلا في ظل (اليمن) الذي نراه أمام أعيننا يهوي يوماً بعد يوم إلى مستنقع خطير لا قرار له ؟؟!! بينما نحن نكتفي بالمشاهدة وكأننا مكتوفي الأيدي .. لا نحرك ساكنا .. وكأن الأمر لا يعنينا .. ولا شأن لنا به ..

وسيظل السؤال حائراً دون جواب ، هل نحن وحالنا كما أسلفت نستحق شرف الانتماء لوطن بحجم (اليمن)؟! ، ذلك الوطن الذي وهبنا كل شيء ، وبخلنا عليه للأسف بكل شيء !!ـ ، إن من لا يفخر بانتمائه لهذا الوطن ، فالوطن بالتأكيد لا يشرفه أصلاً أن ينتمي إليه من يجحد فضله عليه ، فإن كان هذا هو حال بعضنا فليبحث له عن (أُمٌ) أخرى يفتخر بانتمائه إليها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منشور بالصفحة السادسة من صحيفة (اليمن اليوم) ـ
من عدد اليوم الاثنين 21 أبريل 2014م 21 جماد ثاني 1435هـ العدد (664)ـ

0 التعليقات for " هل نستحق شرف الانتماء لوطن بحجم اليمن؟! (2) "

اترك الرد

اضف تعليقك او رأيك على ما نشر أعلاة :



اتصل بنا وراسلنا بالاخبار والاقتراحات والانتقادات فنحن دوماً في خدمتكم

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

أخر أخبار بلقيس

Google