أخر الاخبار
نشرت في: الاثنين، 14 أبريل 2014 5:06 ص
نشرت بواسطت ©بلقيس نيوز

علاقة القبيلة بالدولة ( اتفاق – تعارض )


عبدالله محمد باسلامة



علاقة القبيلة بالدولة ( اتفاق – تعارض )


الاثنين، 14- ابريل - 2014

بقلم/ 
عبد الله محمد باسلامه

أحد محاور حلقة الخميس - برنامج ( اليوم السادس – قناة اليمن اليوم ) وكان المتفق أن أعلق على التقرير الخاص بالموضوع ( عبر الهاتف ) لكن استنزاف المحورين السابقين للوقت أجبر الأستاذ / محمد الردمي على إلغاء المكالمة ..
تحدث التقرير عن الحضارة اليمنية العريقة والمتغيرات  وعلاقتها بالقبيلة التي تعتبر المكون الرئيسي في المجتمع اليمني , وانتهى إلى طرح السؤال ( من يحتوي الآخر) ؟
كنت سأقول بأن العلاقة بين القبيلة والدولة تكاملية متداخلة إلى حد الاندماج أو التوحد , فالقبيلة ليست مجرد مكون رئيس بالإمكان فصله أو تمييزه عن المكونات الأخرى , بل هي أصل كل المكونات , فهي حاضرة في القيادة والحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية وحتى الجيش والأمن , وهي شريك فاعل في كل مجالات الحياة ,, فالقبيلة هي الحكومة البدائية للمجتمع المصغر .
كما أن الأعراف القبلية تنسجم كلية مع الشرع والقانون , فبالرغم من أن لكل منطقة عرفها وقاعدتها القبلية إلا أن هناك ما يعرف بقاعدة السبعين التي ربما توافق عليها زعماء مختلف القبائل في عموم المناطق اليمنية , ويحق لنا أن نتعامل مع الأعراف القبلية القديمة على أنها  الدستور الأقدم في التاريخ , فقد ذكرها الله في محكم كتابه بقوله ( وأمر بالعرف ) وهنا ننفي تعارض القبيلة مع الدولة .
وإن عدنا بالحديث إلى الماضي الغابر لليمن سنجد بأن حكم الملكة بلقيس استند إلى دعم أقيال اليمن , وهم زعماء القبائل اليمنية الكبرى , ويمكن أن نقول عن القيل بأنه ( شيخ مشائخ الإقليم أو المخلاف ) وكما نعرف , كان الحكم شورى بينهم .
أما ما يحدث اليوم من جرائم يرتكبها أبناء بعض القبائل في مناطق متفرقة من الوطن الحبيب , فلا يمكن أن نرجعه إلى تعارض القبيلة مع مشروع الدولة , باعتبار أن الخروقات والممارسات العدوانية والإجرامية التي يرتكبها البعض بحماية القبيلة ( مهما توسع نطاقها ) تظل مجرد استثناءات , وبالتالي لا يجوز لنا تعميم الحكم على القبيلة ككل , ولا بد من الاعتراف بأن عدم وجود الدولة المركزية القوية أو ضعفها أو تقصيرها هو السبب الحقيقي لتدهور الأوضاع وتشجيع أبناء القبائل على الإجرام بمختلف أنواعه  ,, ويحضرني المثل الشعبي الذي ينسجم مع هذه الحالة القائل ( القبيلي ,, إذا قامت الدولة رقد - والعكس ) وهذا هو الذي نعيشه اليوم ( الدولة راقدة إن لم تكن منعدمة ) وبالتالي يحق للقبيلي أن يرتكب كل الجرائم , ولكن علينا أن لا نعد هذا الخروج عن القانون والدستور والشرع دليل التناقض مع الدولة , لأنه في الحقيقة خروج عن العرف الذي يجرم الخروج عن الأعراف والأخلاق , مع التأكيد على مسؤولية زعماء القبائل وكبار المشائخ عن هذه الخروقات والجرائم التي ترتكب في حدود مناطقهم , ويجب محاسبتهم على التقصير ومطالبتهم بتسليم المجرمين , ولكن هذا يحتاج إلى دولة مركزية قوية .
.
أما الإجابة على السؤال المتعلق بالاحتواء , فإن من الطبيعي أن تعمل الدولة على احتواء القبيلة , ومن غير المنطقي أن نسمح للقبيلة باحتواء الدولة , ولكن بكل أسف هذا ما نعاني منه اليوم بعد أن نجحت القبيلة في احتواء الدولة من خلال السيطرة على الأحزاب السياسية . 
هناك سوء فهم عند الكثير من الناس عن هذه العلاقة , يتمثل في تجاهل الدور الايجابي للقبيلة في الحفاظ على بنية المجتمع اليمني وأخلاقياته , وأيضاً دور المشائخ في تثبيت الأمن والاستقرار وفي حل الكثير من المشاكل , ومعالجة بعض القضايا الاجتماعية والوطنية وحتى الشرعية أحيانا , بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن القبيلة متخلفة وعائق أمام الدولة المدنية .
- تجربة الشهيد الرئيس / إبراهيم الحمدي قائد مشروع الدولة المدنية ..
حاول تحجيم دور القبيلة متهماً إياها بالتخلف المعيق للدولة المدنية , ومع ذلك احتفظ بالغشمي وقربه إليه وهو شيخ قبلي بهدف استخدامه في ضرب القبيلة من الداخل ,, مع أنه كان بالإمكان الاستعانة بالمشائخ الوطنيين والمتنورين أمثال الشيخ المناضل المرحوم / مجاهد أبو شوارب وأمثاله من أجل استقطاب وإصلاح وترويض وتقويم بقية المشائخ , ولكنه رحمه الله وبكل أسف أخطأ في الحساب , ففشل المشروع وقضت عليه القبيلة بكل سهولة , ولم يحاسبها أحد حتى اللحظة .
- موقف الحزب الاشتراكي والقوى التقدمية الأخرى .
هذه القوى تنادي بإقصاء القبيلة من المشهد , ويذهب البعض إلى المطالبة بالقضاء على المشائخ , ومن المفارقات العجيبة أن هذه الأحزاب تتسابق على استقطاب المشائخ لتحتمي بالقبيلة ,, وأنا اعتبر إعلان العداء للقبيلة  واتهامها بالتخلف كان سبباً رئيسياً في تماسكها وتكاتف المشائخ ضد المشروع المعادي ( الشيخ الوطني المثقف مع الهمجي المتخلف ) ودفعهم الخوف إلى السيطرة على مفاصل الدولة , وبالفعل نجحوا في ذلك .
الحل : 
أن نعمل أولاً على إيجاد الدولة المركزية القوية , القادرة على تقويم الاعوجاج , وتجبر القبيلة على العودة إلى العلاقة الطبيعية التكاملية معها , وليس بالضرورة أن يكون العلاج هو استخدام القوة , إلا في حال فشلت المبادرات السلمية , مع الأخذ بعين الاعتبار أن الضرب بيد من حديد يحتاج إلى قدرة على التعامل وضمان الحسم ومنع التكرار أو الضربات الانتقامية المحتملة ضد أدوات الدولة الأمنية أو غيرها .
في الوقت الراهن نحتاج فقط إلى منح الشيخ امتيازات معنوية جهوية شرط التساوي أمام القانون وتوقف صرف الاعتمادات المالية المهولة لمصلحة شؤون القبائل , والتعامل مع كل شيخ أو قبيلة بناء على مدى التعاون مع الدولة والالتزام بالدستور والقانون , فهناك شيخ وطني مثقف ومتنور متعاون ومخلص مع الشعب والوطن , وهناك الهمجي المتخلف والمجرم الخارج عن النظام والقانون , وبالإمكان أيضاً الاستعانة بالأول لترويض أو تقويم سلوك الثاني من أجل المصلحة الوطنية العليا ,, وعموماً لا يمكن للوضع أن يستقر بدون تعزيز العلاقة التكاملية بين القبيلة والدولة .
عبد الله محمد باسلامه
12 / 4 / 2014 م

0 التعليقات for " علاقة القبيلة بالدولة ( اتفاق – تعارض ) "

اترك الرد

اضف تعليقك او رأيك على ما نشر أعلاة :



اتصل بنا وراسلنا بالاخبار والاقتراحات والانتقادات فنحن دوماً في خدمتكم

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

أخر أخبار بلقيس

Google