نشرت في:
السبت، 4 مايو 2013
4:56 م
نشرت بواسطت ©بلقيس نيوز
مسلمة في صنعاء أبكتني في تل أبيب !
مسلمة في صنعاء أبكتني في تل أبيب !
المهندسة/نجاة النهاري
ليتني أجدها فأحتضنها وأقبل يديها وقدميها... كنت في الثالث الابتدائي بمدرسة أروى في صنعاء، وكنت أجلس على حجر ألتهم قطعة خبز وفجل على عجل من شدة الجوع حين طلبت مني زميلتي "خديجة" قطعة من الفجل فرفضت.غضبت مني وصاحت "يهودية، يهودية الله يلعنك"، وإذا بطالبتين أخريتين ينضمان ويصرخون معا "يهودية، يهودية، يهودية.."، وبدأت أخريات يحلقن حولي ويضحكن فيما أنا شعرت بالقهر وانفجرت باكية بدموع غزيرة لم تمنعهن عن مواصلة السخرية مني..!!
فجأة وثبت الأستاذة رجاء المصنعي وسطنا وأمسكت بخديجة وأخرى وبدأت تصرخ عليهن وتشتمهن وتضربهن على ظهورهن.. ثم التفتت إلي ومدت يدها لتكفكف دموعي، وهي تهدئني بكلمات أم حنونة وتسحبني الى الإدارة لتعطيني نصف كعكة..! وأخذت تمازحني حتى ضحكت، وطلبت مني لو أي وحده سخرت مني أن أخبرها. فغمرتني السعادة، إذ لم أكن أتوقع أن تقوم معلمة مسلمة بمعاقبة فتيات مسلمات من أجل طفلة يهودية!!
بعد ستة أعوام من ذلك تقريباً، أصبحت في منزل صغير في إحدى ضواحي "تل أبيب"، وضاقت عيشتنا لضآلة المساعدات التي يمنحوها لأبي، وذات يوم سمعته يحدث أمي عن سوء المعاملة التي عاملوه بها في إحدى الجهات الحكومية في تل أبيب، وقال أن السبب لأنهم عرفوا أنه يمني، وكنت أشعر بمرارة حديثة وحجم ألمه وهو يبوح لأمي بما حدث..
شعرت أنا أيضاً بالحزن والألم،، ولا أدري كيف وجدت ذاكرتي تسترجع تفاصيل الموقف بمدرسة أروى بصنعاء، وكيف اقتصت الأستاذة رجاء المصنعي لفتاة يهودية من زميلاتها المسلمات رغم أنها مسلمة أيضاً.. فبكيت مجدداً وأنا أقارن ذلك في مخيلتي بمعاملة اليهود في إسرائيل لأبي واستهتارهم به لمجرد أنه من أصل يمني!!
ما زلت أتذكر الأستاذة رجاء واحفظ صورتها وأشتاق لها لحد البكاء، وأتذكر جيراننا وكرمهم ومواقفهم مع أبي، وطيب معاملتهم لنا.. وكلما تذكرت شيئاً من حياتنا في اليمن أشعر أننا دفنا أنفسنا في إسرائيل!!