أخر الاخبار
نشرت في: الثلاثاء، 3 يونيو 2014 8:53 ص
نشرت بواسطت ©بلقيس نيوز

GAME OVER





GAME OVER


الثلاثاء، 03-يوليو-2014

بقلم / 
د.عبدالرحمن أحمد ناجي فرحان


بعض الأحداث من حولنا تستطيع بفضل وعون الله وحده ودون إراقة قطرة دم واحدة ، أن تحقق أهداف تعجز عن تحقيقها جيوش مُجيشة تتقدم بكل قوام رأس مالها البشري وكامل عدتها وعتادها ، فيُـصاب البعض منا بالذهول والتبلد والعجز عن الاستيعاب والتفسير والتفكير واستلهام العِـبَـر والدروس لتكون ردود الفعل رشيدة وفق معطيات تلك الأحداث الجسيمة ، وهذا بالضبط ما حدث في مصر أرض الكنانة وقلب العروبة النابض بالحياة ، بالفوز الساحق للرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية .ـ

يدفعني ما تقدم للتساؤل : متى سيؤمن حكام مصر السابقين (المخلوعين) ومن يؤيدهم إيماناً مطلقاً يتجذر في قلوبهم وعقولهم وأفئدتهم وأرواحهم ، طالما يزعمون بأنهم وحدهم دون غيرهم الأكثر علماً ومعرفة ودراية بأصول وفروع الشريعة الإسلامية السمحاء ، بأن الله وحده جل شأنه ذو العزة والجلال والإكرام وليس أحد في العالمين سواه مالك المُلك يؤتيه لمن يشاء وينتزعه ممن يشاء ، فلا الرئيس المنتخب المشير عبدالفتاح السيسي ، وليس أحداً غيره في الكون مهما بلغ جاهه أو تعاظم سلطانه يمكنه (حاشا لله) انتزاع هذا الحق الإلهي أو ادعاء قدرته عليه ، وليس غير الله مهيمن على شئون من خلقهم وأوجدهم من عدم من شجر وحجر وبشر وغير كل أولئك من الكائنات المنظورة وغير المنظورة .ـ

أما آن الأوان لمحو وتذويب كل التشوهات التي جعلت المشهد اليمني منذ العام 2011م حالك العتمة وبالغ القتامة ومجلل بالسواد؟! ، أما آن الأوان لتنقية النفوس والقلوب والأفئدة والأرواح من كل ما علق بها من قذارات السياسة والفرز الحزبي المقيت لمواطنين يعيشون في رقعة جغرافية واحدة ، مهما تباينت واختلفت أفكارهم ورؤاهم وسيناريوهاتهم حتى لو بلغت حد التناقض فيما يعتقدون أنه يخدم هذا الوطن ؟؟!! ، أما آن الأوان للإقرار والاعتراف دون مكابرة ولا استعلاء ولا عنجهية ولا استقواء بأن ما يجمعنا ويوحد صفوفنا كيمانيين أكثر بكثير وكثير جداً مما يفرقنا ويشتتنا ويشظينا؟؟!! .ـ

ولنستعرض جانباً مهماً جداً في حياتنا تم تلويثه بشكل حاد وصارخ ، ويجب أن يتم تقويمه وتصحيح مساره وبأقرب وقت ممكن ، وما لم يتم ذلك فإننا على موعد مع كابوس مرعب لا يمكن لأحد تخَيُّل مداه ، ويتمثل ذلك الجانب في ضرورة تبني مجلس النواب لمشروع قانون يقدمه إليه بعض أعضاءه أومن خلال مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية ، لتجريم ممارسة النشاط السياسي والاستقطاب الحزبي داخل أسوار المؤسسات التعليمية في كافة مراحل التعليم الأساسي والثانوي والجامعي ، مع أهمية المطالبة بتضمين الدستور الجديد نص صريح حول هذا الأمر .ـ

ولمن لازال مصراً منهم على عدم الامتثال والاستجابة لذلك ، من خلال الاستماتة في المُـضي بإخضاع العملية التعليمية برُمَّـتِـها للمحاصصة الحزبية العقيمة ، وذلك من شأنه هدم كل شيء جميل ورائع في أرواح وأبدان أبنائنا الطلاب ، والاستمرار في تعاملهم مع بعضهم البعض بسلبية شديدة وعدائية ملحوظة ، ومزيج من التحفُّـز والتوجس والخوف والرِيبة ، نقول لأولئك : اتقوا الله وتذكروا أنكم معروضون عليه يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ، فقد قتلتم كل رغبة إيجابية لديهم من شأنها تنمية التآخي والتلاحم والتضافر فيما بينهم كأخوة وأصدقاء ، وحولتموهم إلى مجرد قطع من الشطرنج تعبثون بها وتحركونها وفق أهواءكم ومشيئتكم الحزبية والسياسية .ـ

وبدلاً من أن يتمثل أبناؤنا أنفسهم طلاب عِلمٍ ، تصديقاً لقول الحبيب المصطفى وهو يبين مكانة طالب العلم : مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ ، وفي حديث آخر للنبي الخاتم متمم مكارم الأخلاق : من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة ، صار أبناؤنا يتجرعون الأمرَّين بسبب التجاذبات الحزبية والمماحكات السياسية ، وتحولت المدارس والجامعات إلى حلبة للصراع بين الطلاب فيما بينهم من جهة ، والأساتذة فيما بينهم من جهة أخرى ، والأساتذة والطلاب من جهة ثالثة .ـ

وبدلاً من تدريب أبنائنا على أهمية الالتزام بالموضوعية عند تبادل الآراء ، واستخدام طريقة التفكير العلمية المنهجية التي تُفضي لتقبل الرأي والرأي الآخر بصدر رحب ، والتأكيد على أن الخلاف ينبغي أن لا يفسد للود قضية فيما بينهم ، تحول البعض من الأساتذة والمعلمين ممن يُفترض أنهم ورثة الأنبياء والمرسلين – للأسف الشديد – لمعاول هدم وتخريب ، حينما يقوم أولئك بتأليب فريقاً من أبنائهم ضد الفريق الآخر ، مؤكدين أنهم ومن يقف من أبنائهم الطلاب في صفهم وحدهم حُماة الحق والفضيلة ، وأن كل من يخالفهم بالرأي في ضلال مبين ومن أتباع الشيطان الرجيم.ـ

ولعل أسوأ النتائج المترتبة على هذا التفكير العقيم هو قيام البعض ممن خانوا أمانة وشرف مهنة التعليم بتقييم أبناءه الطلاب في المحصلة النهائية في نهاية كل فصل دراسي أو عام جامعي على أساس الانتماء الحزبي والفرز السياسي لكلٍ منهم وهذا عارٌ ما بعده عار ، ومما يؤسف له أيضاً أن هذا الانحدار بل الانحطاط القيمي والأخلاقي داخل المؤسسات التعليمية بات يزداد ويتضاعف يوماً بعد يوم ، في أسلوب تعامل المعلم مع أبنائه الطلاب ، وتجاوز وتطاول بعض الطلاب على معلميهم ، وشحنات الكراهية والبغضاء المزروعة فيما بين الطلاب أنفسهم ، ومن شأن ذلك السير بالمجتمع شيئاً فشيئاً نحو كارثة محققة .ـ

ألا لعنة الله على الحزبية إن كانت ستحول البعض إلى عبيد مسلوبي الإرادة منقادين انقياداً أعمى لما يراه ساسة تلك الأحزاب دون أن يكون من حقهم التمتع بنعمة التفكير وإبداء الرأي ، ألا لعنة الله على الحزبية إن كانت ستجعل ولاء البعض لتلك الأحزاب مقدماً على ولاءهم لله ثم للوطن ، ألا لعنة الله على الحزبية إن كانت ستزرع بيننا كل أسباب ومبررات ودواعي الشقاق والتناحر والاقتتال ، وإقصاء البعض للبعض الآخر واستعلاء البعض على البعض الآخر .ـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منشور بالصفحة السادسة من صحيفة (اليمن اليوم) ـ
من عدد يوم الاثنين 2 يونيو 2014م 4 شعبان 1435هـ العدد (706)ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

0 التعليقات for " GAME OVER "

اترك الرد

اضف تعليقك او رأيك على ما نشر أعلاة :



اتصل بنا وراسلنا بالاخبار والاقتراحات والانتقادات فنحن دوماً في خدمتكم

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

أخر أخبار بلقيس

Google