أخر الاخبار
نشرت في: الخميس، 6 يونيو 2013 9:11 م
نشرت بواسطت ©بلقيس نيوز

رسائل عاجلة من "خبير سياسة" إلى "خبراء كمائن"


رسائل عاجلة من "خبير سياسة" إلى "خبراء كمائن"- سياف الغرباني

"صالح" يقرأ الطقس علانية من الضفة المقابلة للسلطة.
رسائل عاجلة من "خبير سياسة" إلى "خبراء كمائن"

كتب: سياف الغرباني

إلى ما قبل خروجه من السلطة، رسمياً، وتسليمها بكل إمكانيتها لنائبه الرئيس هادي بموجب المبادرة الخليجية والآلية المزمنة، كان خصوم صالح لا يكفون عن المجاهرة بكون الانقضاض عليه - قبل نقل السلطة - أمراً بالغ التعقيد نظراً لقبضته الفولاذية على ما كانوا يعتقدون أنها أدوات قوة يمسك بها. لكن هذا لايعني أنهم لم يستخدموا كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ضده، حد زرع عبوات ناسفة في المكان الذي وضع فيه ناصيته في جمعة رجب يونيو 2011.

على طول امتداد خط الأزمة السياسية، لم يعط الرئيس السابق - مطلقاً- ما يمكن اعتباره إشارة إلى أنه يراهن على الجيش والأمن لحسم الصراع لصالحه، أو أنه ينظر لهاتين المؤسستين – العسكرية والأمنية - باعتبارهما سلاحاً سلطوياً بيده يعطيه الأفضلية على الواقع مقارنة بخصومه.

كانت المسألة مجرد وقت ليؤكد الرئيس السابق أنه لم يكن يستمد قوته من الجيش والأمن كما كان يزعم معارضوه، بل من مكان آخر.. قالها صالح وعبَّر عنها صراحة، قبل أيام قليلة فقط، في خطاب ناري - لم يخلُ من الرسائل السياسية - لعل أهمها: "أستمد قوتي من الشعب بعد أن سلَّمت السلطة والجيش والأمن"، و" لم تخلقه أمه بعدْ من سيُخْرِج علي عبدالله صالح من اليمن".

ورغم علم صالح أن حرب خصومه عليه لن تنتهي بنقل السلطة وفق اتفاق التسوية، إلا أنه انسحب بهدوء، ولم يكن يشغل باله أكثر من إنجاز يتوج به حياته الرئاسية. فكان عليه أن يضع الخطوط العريضة لأول تداول سلمي للسلطة في جمهورية تعاقب عليها خمسة رؤساء عبر الانقلابات، ومن ثم الانتقال إلى الضفة المقابلة للسلطة لتلقين خصومه دروساً مجانية في المعارضة السياسية الناضجة - من هرم حزب المؤتمر، إذ أنه وعدهم بذلك وهو لايزال في قلب الحكم.

برأي كثيرين، فإن ظهور صالح الأخير هو الأقوى قياساً بالمتغيرات الحاصلة، خاصة وأن المعسكر المناوئ لصالح كان يعتقد أنه سيكون في هذه الفترة هدفاً سهلاً في متناوله أكثر من أي وقت مضى. أكد هذا الاعتقاد تحركات قادتها جبهة انتهازية، حاولت اغتيال الرئيس السابق سياسياً عبر إزاحته من رئاسة المؤتمر، قبل أن تتطور الأمور إلى مطالبات بإخراجه من اليمن ونفيه خارج الحدود!

تقول بعض المصادر السياسية إن قيادات المشترك، الإصلاح تحديداً، ذهبت للتوقيع على اتفاق نقل السلطة بالرياض، وفي ذهنها نظرية القضاء التدريجي على صالح بعد أن استنفدت كافة الأوراق التي كانت تراهن عليها لتحقيق هذه المهمة، من حروب استنزاف في أكثر من جبهة وصولاً إلى محاولة تصفيته وكبار قادات الدولة بتفجير جامع النهدين.
من وجهة نظر محللين، فإن من المتعذر، جداً، أن يتحمل صالح الآن ما كان قادراً على تحمله قبل أن يتخفف من أعباء الحكم بلياقة، ذلك أن فهلوانية خصومه خرجت عن نطاق السيطرة، وسلكت منحى آخر غير المخاصمة السياسية مع قدر يسير من الأخلاق.

وبالنسبة لهؤلاء، فإن الرئيس السابق يختار المكان والزمان المناسبين، حالما استدعت التطورات خروجه عبر الإعلام لتوصيل رسائل معينة لأية جهة. وهذا ما حدث حين ظهر مؤخراً يضع الرسائل السياسية في صناديق بريد أطراف وقوى محلية وخارجية من خلال كلمة متلفزة في لقاء حزبي، أوضح فيها ما الذي تحتاجه اليمن في هذه المرحلة.
ورغم حديث صالح المقتضب، إلاّ أن ثمة من عدّه بمثابة برنامج عمل تحدث فيه بصراحة تستلزم أيضاً من المعنيين به قراءته بصراحة مماثلة، واستيعابه جيداً.

ثمة فارق جوهري بين صالح ومعارضيه، ذلك أن الأول لم يخرج يوماً عن حدود الخصومة السياسية إلى الابتذال، كما هو حال الثاني، رغم محاولات جره إلى هذا المربع، ذلك أن نقاط التقاطع بين حصافة صالح وابتذال خصومه، بين خبراء كمائن وبين خبير سياسة مثخن بقواعدها منذ ثلاثة عقود، كانت جليَّة في حديثه الأخير. فكان للسياسي فضاء التحرك النظيف أمام الجميع وقراءة الطقس علانية، وكان لرجال العصابات الأزقة المظلمة، ورصد الخصوم، وهندسة الاغتيالات، وتأميم نتائج الانفجار، واستثمار مخرجات العاصفة.

ما يعرفه الجميع أن وجود الدولة اليمنية – حالياً- لايتجاوز حدود نشرة أخبار التاسعة في التلفزيون الرسمي.
وعند هذه النقطة تحديداً وجَّه صالح رسالة مهذبة للحكام الحاليين؛ حينما نبههم إلى أن ضعفهم سر إهانة كرامة الدولة في بعض المناطق القبلية، مطالباً بالتوقف عن إهانتها مرة أخرى بالهروب من هذا الضعف إلى اتهام الآخرين. لأن من غير المنطق ولا حتى المعقول أن يكون "من بنى الدولة اليمنية طيلة ثلاثة عقود يقف خلف الأعمال التي تستهدفها الآن"- حد تعبيره-.

سيكون على قيادات حكومية وحزبية من الطرف المناوئ لصالح التفرغ طوال الأيام القليلة القادمة من كل مسئولياتها والتزاماتها لملاحقة تحويلات سفارات أمريكا وبريطانيا وفرنسا وقطر بصنعاء، لضرب مواعيد لقاءات مع سفراء هذه الدول لإجراء سلسلة مباحثات مهمة، لن تخرج بالتأكيد عن خطاب صالح الأخير المعيق للمرحلة الانتقالية.
وحتى وزير الداخلية اللواء عبدالقادر قحطان الذي لم يضبط قتلة الشابين: "أمان والخطيب"، سييم وجهه صوب مكتب المبعوث الدولي في صنعاء، ليطلب رقم فاكس مكتبه في نيويورك، وسيكون على اللواء قحطان أن يرد بلغة رجل أمن صارم، على السكرتيرة أو أي موظف يصادفه، حين يسأله عن سر طلب رقم فاكس مكتب بن عمر.

بالتأكيد سيقول إنه ضبط الرئيس "المخلوع" متلبساً بعرقلة التسوية السياسية في خطاب تلفزيوني، وأنه – قحطان- انتهى من إعداد تقرير أمني مطوَّل بذلك ويريد إرساله بصورة عاجلة لـ"بن عمر" لتكون الأمم المتحدة في صورة ما يحدث في اليمن.

شخصياً لا أستبعد هذه المرة من فض بحجم وزير داخلية باسندوة أن يذيّل شكواه الجديدة من صالح لمجلس الأمن بملاحظة مهمة: الرئيس السابق يعيق ضبط قتلة شابين جنوبيين.
هذا على افتراض أن وزير الداخلية لن يتهم الضحايا بإعاقة موكب عرس، القيادي في حزبه، علي عبدربه العواضي.

* صحيفة المنتصف, العدد (47): 3 / 6 / 2013م

0 التعليقات for " رسائل عاجلة من "خبير سياسة" إلى "خبراء كمائن" "

اترك الرد

اضف تعليقك او رأيك على ما نشر أعلاة :



اتصل بنا وراسلنا بالاخبار والاقتراحات والانتقادات فنحن دوماً في خدمتكم

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

أخر أخبار بلقيس

Google